حصار غزة ضد الأنفلونزا
قطاع غزة هو المكان الأكثر أمناً في العالم، والأكثر حصانة من فيروس أنفلونزا الخنازير، فقد منع الحصار الإسرائيلي سفر الفلسطينيين، وقنن حركتهم، واختلاطهم بشعوب الأرض، واحتكاكهم بالعالم الخارجي، وترك غزة وحيدة، تشكو عزلتها، فيكف سينتقل إليها الفيروس، ولا طريق يعبر منها إلى غزة دون أن توقفه الحواجز الإسرائيلية، زد على ذلك؛ أن لا وجود لأي خنزير في غزة التي لا علاقة لها بكل ما يجري على الكرة الأرضية من أحداث؛ خيرها، وشرها، فهي عالم آخر قائم بذاته، عالم غزة الذي يعتمد على قواه الذاتية، ويصمم على البقاء، ولكن غزة تخاف أن يتسلل إليها الفيروس عبر الأنفاق، وهنا تكون الكارثة البشرية، مليون ونصف بلا مختبرات فحص متطورة، وإن توفرت بعض المختبرات القديمة، والمتهالكة، فهي خالية من المواد الكيميائية الضرورية للفحص، ولما كانت غزة الأكثر كثافة سكانية في العالم، فإنها مهيأة لتفشي مرض أنفلونزا الخنازير بسرعة فائقة، حيث لا وقاية، ولا كمامة، ولا علاج، ولا أدوية ناجعة، والحصار يضرب كل مناحي الحياة، وكأن إسرائيل قد أسست لتصفية سكان قطاع غزة بالوباء إذا نجح فيروس الخنازير في التسلل إليها.
رغم نجاح إسرائيل في النأي بغزة عن ترح العالم، وعن فرحه، فلا يتمنى سكان غزة للعالم إلا السلامة الصحية والرخاء الاقتصادي، والخروج من هذه الحالة المفزعة من الوباء، فالإنسان بمشاعره هو الإنسان أكان في قطاع غزة تحت الحصار أو كان في أي مكان. ولكن سكان قطاع غزة عاتبون على أخوانهم في الإنسانية الذين تركوا مليون ونصف فلسطيني يعانون الحصار، ولم يتجرأ أحد على الصراخ في وجه الدولة العبرية، ويقول: كفى يا بني صهيون، العالم يصمت، ويخاف، ورؤساؤه، ووزراؤه يرتجفون من زعماء الصهاينة القتلة المتلذذين على حصار المدنيين، ويمارسون ضدهم فنون القتل والتدمير، والتهجير.
غزة ترفض القول: أن هذا الوباء عقاب من الله لكل من سكت على حصار غزة، وعلى حرمان سكانها من السفر، والعلاج، والعمل، والتعلم، والطعام والشراب، لتضطر دول العالم إلى حصار نفسها بنفسها، وتعزل سكانها عن بعضهم البعض خوفاً من انتشار الوباء، لتصير كل مدن العالم محاصرة مثل غزة.
غزة تبكي لكل إنسان يموت من مرض أنفلونزا الخنازير، لأنها بكت مع كل فلسطيني مات دون علاج تحت الحصار، غزة تربت على كتف كل مكسيكي، وأمريكي، وإنجليزي، وحتى إسرائيلي خائف من عدوى أنفلونزا الخنازير رغم اليد الخشنة التي احتقرت دموع نسائها، وزجرت براءة أطفالها، وتنكرت لإنسانية أهلها، وما زالت تغض الطرف عن جرم المُحَاصِر الإسرائيلي، ومآسي المُحَاصَر الفلسطيني.
لا تنسوا اخواننا في غزة من صادق دعائكم...[/b]